@ 382 @ تعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } وفي مواضع عديدة من هذا الكتاب المبارك . .
وبينا في سورة شورى أيضاً شدة كراهة الكفار لما نزل الله ، وبينا ذلك بالآيات القرآنية في الكلام على قوله تعالى { كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } . .
وقد قدمنا مراراً أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة والله يعلم { إِسْرَارَهُمْ } قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة عن عاصم أسرارهم بفتح الهمزة جمع سر . .
وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم إسرارهم بكسر الهمزة مصدر أسر كقوله : { وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً } . وقد قالوا لهم ذلك سراً فأفشاه الله العالم بكل ما يسرون وما يعلنون . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } أي : فكيف يكون حال هؤلاء إذا توفتهم الملائكة ؟ .
أي قبض ملك الموت وأعوانه أرواحهم في حال كونهم ضاربين وجوههم وأدبارهم . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الملائكة ، يتوفون الكفار وهم يضربون وجوههم وأدبارهم جاء موضحاً في مواضع أخر من كتاب الله كقوله تعالى في الأنفال : { وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } وقوله في الأنعام : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ } . .
فقوله : { بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ } أي بالضرب المذكور . .
والإشارة في قوله { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ اللَّهَ } راجعة إلى المصدر الكامن في الفعل الصناعي أعني قوله { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ } . .
أي ذلك بضرب وقت الموت واقع بسبب { بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ اللَّهَ } أي أغضبه من الكفر به ، وطاعة الكفار الكارهين لما نزله . .
والإسخاط استجلاب السخط ، وهو الغضب هنا .