@ 366 @ .
فقد روي في الموطأ عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : .
( المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار ) . .
قال مالك : وليس لهذا عندنا حد معروف ، ولا أمر معمول به فيه . انتهى منه بلفظه . .
مع أن مالكاً لم يعمل بهذا الحديث الصحيح : .
وأشار في الموطأ إلى بعض الأسباب التي منعته من العمل به في قوله : .
وليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه ، لأن خيار المجلس لم يحدد بحد معروف . .
فصار القول به مانعاً من انعقاد البيع إلى حد غير معروف . .
وقد يكون المتعاقدان في سفينة في البحر لا يمكنهم التفرق بالأبدان . .
وقد يكونان مسجونين في محل لا يمكنهما التفرق فيه . .
وقد حمل مالك التفرق المذكور في الحديث على التفرق في الكلام . .
وصيغة العقد قال : .
وقد أطلق التفرق على التفرق في الكلام دون الأبدان في قوله تعالى : { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ } فالتفرق في الآية إنما هو بالتكلم بصيغة الطلاق لا بالأبدان . .
وقوله تعالى : { وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } فالتفرق في الآية تفرق بالكلام والاعتقاد . .
فلا يشترط أن يكون بالأبدان : .
وحجج من احتج لمالك في عدم أخذه بحديث خيار المجلس ، هذا كثيرة معروفة . .
منها ما هو في آيات من كتاب الله كقوله تعالى : { وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ } ، وقوله : { أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } ، وقوله : { إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ } . .
ومنها ما هو بغير ذلك . .
وليس غرضنا هنا بسط الحجج ومناقشتها ، وإنما غرضنا المثال . .
لأن الإمام قد يترك نصاً بلغه لاعتقاد أن ما ترك من أجله النص أرجح من نفس النص ، وأنه يجب على المسلم مراعاة المخرج والنجاة لنفسه فينظر في الأدلة ، ويعمل بأقواها وأقربها إلى رضى الله . .
كما حلف عبد الحميد الصائغ بالمشي إلى مكة ، لا يفتي بقول مالك في هذا .