@ 267 @ .
والتعليق بهذه المشيئة المتأخرة لأجل المعنى المذكور ، الذي هو ظاهر الآية الصحيح لا يخالف مذهباً من المذاهب الأربعة ولا غيرهم ، وهو التحقيق في مراد ابن عباس بما ينقل عنه من جواز تأخير الاستثناء كما أوضحه كبير المفسرين . أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله . .
وقد قدمنا إيضاحه في الكلام على آية الكهف هذه . فيا أتباع الصاوي المقلدين له تقليداً أعمى على جهالة عمياء ، أين دل ظاهر آية الكهف هذه ، على اليمين بالله ، أو بالطلاق أو بالعتق أو بغير ذلك من الأيمان ؟ .
هل النبي صلى الله عليه وسلم حلف لما قال للكفار : سأخبركم غداً ؟ .
وهل قال الله : ولا تقولن لشيء إني حالف سأفعل ذلك غداً ؟ .
ومن أين جئتم باليمين ، حتى قلتم إن ظاهر القرآن ، هو حل الأيمان بالمشيئة المتأخرة عنها ، وبنيتم على ذلك أن ظاهر الآية مخالف لمذاهب الأئمة الأربعة ، وأن العمل بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر ؟ .
ومما يزيد ما ذكرنا إيضاحاً ما قاله الصاوي أيضاً في سورة آل عمران في الكلام على قوله تعالى : { فَأَمَّا الَّذِينَ فى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ } فإنه قال على كلام الجلال ما نصه : زيغ أي ميل عن الحق للباطل ، قوله : بوقوعهم في الشبهات واللبس ، أي كنصارى نجران ، ومن حذا حذوهم ممن أخذ بظاهر القرآن ، فإن العلماء ذكروا أن من أصول الكفر الأخذ بظواهر الكتاب والسنة ا ه . .
فانظر رحمك الله ، ما أشنع هذا الكلام وما أبطله وما أجرأ قائله على انتهاك حرمات الله ، وكتابه ونبيه وسنته صلى الله عليه وسلم ، وما أدله على أن صاحبه لا يدري ما يتكلم به . فإنه جعل ما قاله نصارى نجران ، هو ظاهر كتاب الله ، ولذا جعل مثلهم من حذا حذوهم فأخذ بظاهر القرآن . .
وذكر أن العلماء قالوا إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر مع أنه لا يدري وجه ادعاء نصارى نجران على ظاهر القرآن أنه كفر ، مع أنه مسلم أن ادعاءهم على ظاهر القرآن أنه كفرهم ومن حذا حذوهم ادعاء صحيح إلا أن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر .