@ 252 @ وقوله تعالى في بيان صفات من وعدهم بالنصر في الآيات المذكورة : { الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الاٌّ رْضِ أَقَامُواْ الصَّلَواةَ وَآتَوُاْ الزَّكَواةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ } . يدل على أن الذين لا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، ليس لهم وعد من الله بالنصر ألبتة . .
فمثلهم كمثل الأجير الذي لم يعمل لمستأجره شيئاً ثم جاءه يطلب منه الأجرة . .
فالذين يرتكبون جميع المعاصي ممن يتسمون باسم المسلمين ثم يقولون : إن الله سينصرنا مغررون لأنهم ليسوا من حزب الله الموعودين بنصره كما لا يخفى . .
ومعنى نصر المؤمنين لله ، نصرهم لدينه ولكتابه ، وسعيهم وجهادهم ، في أن تكون كلمته هي العليا ، وأن تقام حدوده في أرضه ، وتتمثل أوامره وتجتنب نواهيه ، ويحكم في عباده بما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم . قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الاٌّ رْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } . قد قدمنا إيضاحه في سورة هود في الكلام على قوله تعالى : { وَمَا هِى مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } ، وأحلنا على الآيات الموضحة لذلك في سورة الروم في الكلام على قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِى الاٌّ رْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ الاٌّ رْضَ } . وأوضحناها في الزخرف في الكلام على قوله : { فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً } وفي الأحقاف في الكلام على قوله تعالى : { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ } ، وفي غير ذلك من المواضع . قوله تعالى : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِىَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِى أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } . التي توضح معنى هذه الآية ، هي المشار إليها في نفس الآية ، التي ذكرنا قبلها . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من إخراج كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم منها بينه في غير هذا الموضع ، كقوله تعالى : { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ