@ 211 @ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } . .
ولما ظن الكفار أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ، لا لحكمة تكليف وحساب وجزاء ، هددهم بالويل من النار ، بسبب ذلك الظن السيىء ، في قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَالاٌّ رْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَالِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ } . .
وقد نزه تعالى نفسه عن كونه خلق الخلق عبثاً ، لا لتكليف وحساب وجزاء ، وأنكر ذلك على من ظنه ، في قوله تعالى { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } . .
فقوله ( فتعالى الله ) أي تنزه وتعاظم ، وتقدس ، عن أن يكون خلقهم لا لحكمة تكليف وبعث ، وحساب وجزاء . .
وهذا الذي نزه تعالى عنه نفسه ، نزهه عنه أولو الألباب ، كما قال تعالى : { إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَاخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لاّيَاتٍ لاٌّ وْلِى الاٌّ لْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ } إلى قوله : { رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } ، فقوله عنهم { سُبْحَانَكَ } أي تنزيهاً لك ، عن أن تكون خلقت هذا الخلق ، باطلاً لا لحكمة تكليف ، وبعث وحساب وجزاء . .
وقوله جل وعلا في آية الأحقاف هذه : { مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِالْحَقِّ } ، يفهم منه أنه لم يخلق ذلك باطلاً ، ولا لعباً ولا عبثاً . .
وهذا المفهوم جاء موضحاً في آيات من كتاب الله كقوله تعالى { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَالاٌّ رْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً } ، وقوله تعالى : { رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً } ، وقوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِالْحَقِّ } . .
وقوله تعالى في آية الأحقاف هذه { وَأَجَلٍ مُّسَمًى } معطوف على قوله : { بِالْحَقِّ } أي ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا خلقاً متلبساً بالحق ، وبتقدير