@ 202 @ رَّبِّى هَاذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ، وقوله تعالى في الأنعام { قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِىَ فَعَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } . .
وما تضمنته آية الجاثية من أن القرآن بصائر وهدى ورحمة ، ذكر تعالى مثله في سورة القصص عن كتاب موسى الذي هو التوراة في قوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الاٍّ ولَى بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } . .
وما تضمنته آية الجاثية هذه من كون القرآن هدى ورحمة جاء موضحاً في غير هذا الموضع . .
أما كونه هدى فقد ذكرنا الآيات الموضحة له قريباً . .
وأما كونه رحمة فقد ذكرنا الآيات الموضحة له في الكهف في الكلام على قوله تعالى { فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ ءَاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا } ، وفي أولها في الكلام على قوله تعالى { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ } . وفي فاطر في الكلام على قوله تعالى { مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } . وفي الزخرف في الكلام على قوله : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } ، أي لأنهم هم المنتفعون به . .
وفي هذه الآية الكريمة سؤال عربي معروف . .
وهو أن المبتدأ الذي هو قوله { هَاذَا } اسم إشارة إلى مذكر مفرد ، والخبر الذي هو بصائر جمع مكسر مؤنث . .
فيقال : كيف يسند الجمع المؤنث المكسر إلى المفرد المذكر ؟ .
والجواب : أن مجموع القرآن كتاب واحد ، تصح الإشارة إليه بهذا ، وهذا الكتاب الواحد يشتمل على براهين كثيرة ، فصح إسناد البصائر إليه لاشتماله عليها كما لا يخفى . قوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } . قد قدمنا الكلام عليه في سورة ( ص ) في الكلام على قوله تعالى : { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ