@ 186 @ .
وما ذكره جل وعلا في آية الجاثية هذه ، ذكره في آيات أخر بلفظه كقوله تعالى في البقرة : { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَاكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } وقوله تعالى في آل عمران : { وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِى رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ تِلْكَ ءَايَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { تِلْكَ } بمعنى هذه . .
ومن أساليب اللغة العربية إطلاق الإشارة إلى البعيد على الإشارة إلى القريب كقوله : { ذَالِكَ الْكِتَابُ } بمعنى هذا الكتاب . كما حكاه البخاري عن أبي عبيدة معمر بن المثنى ، ومن شواهده قول خفاف بن ندبة السلمي : ذَالِكَ الْكِتَابُ } بمعنى هذا الكتاب . كما حكاه البخاري عن أبي عبيدة معمر بن المثنى ، ومن شواهده قول خفاف بن ندبة السلمي : % ( فإن تك خيلي قد أصيب صميمها % فعمداً على عيني تيممت مالكا ) % % ( أقول له والرمح يأطر متنه % تأمل خفافاً إنني أنا ذالكا ) % .
يعني أنا هذا . .
وقد أوضحنا هذا المبحث وذكرنا أوجهه في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب ، عن آيات الكتاب ) في أول سورة البقرة وقوله تعالى : { نَتْلُوهَا } أي نقرؤها عليك . .
وأسند جل وعلا تلاوتها إلى نفسه لأنها كلامه الذي أنزله على رسوله بواسطة الملك ، وأمر الملك أن يتلوه عليه مبلغاً عنه جل وعلا . .
ونظير ذلك قوله تعالى : { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } . .
فقوله : فإذا قرأناه أي قرأه عليك الملك المرسل به ، من قبلنا مبلغاً عنا ، وسمعته منه ، فاتبع قرآنه أي فاتبع قراءته واقرأه كما سمعته يقرؤه . .
وقد أشار تعالى إلى ذلك في قوله : { وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْءانِ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ } . .
وسماعه صلى الله عليه وسلم القرآن من الملك المبلغ عن الله كلام الله وفهمه له هو معنى تنزيله إياه