@ 182 @ .
وإيضاح هذا البرهان باختصار أن قوله تعالى : { فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ } أمر من الله تعالى لكل إنسان مكلف أن ينظر ويتأمل في طعامه كالخبز الذي يأكله ، ويعيش به من خلق الماء الذي كان سبباً لنباته . .
هل يقدر أحد غير الله أن يخلقه ؟ .
الجواب : لا . .
ثم هب أن الماء قد خلق بالفعل ، هل يقدر أحد غير الله أن ينزله إلى الأرض ، على هذا الوجه الذي يحصل به النفع ، من غير ضرر بإنزاله على الأرض رشاً صغيراً ، حتى تروى به الأرض تدريجاً . من غير أن يحصل به هدم ، ولا غرق كما قال تعالى : { فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } . .
الجواب : لا . .
ثم هب أن الماء قد خلق فعلاً ، وأنزل في الأرض ، على ذلك الوجه الأتم الأكمل ، هل يقدر أحد غير الله أن يشق الأرض ، ويخرج منها مسمار النبات ؟ .
الجواب : لا . .
ثم هب أن النبات خرج من الأرض ، وانشقت عنه فهل يقدر أحد غير الله أن يخرج السنبل من ذلك النبات ؟ .
الجواب : لا . .
ثم هب أن السنبل خرج من النبات فهل يقدر أحد غير الله أن ينمي حبه وينقله من طور إلى طور حتى يدرك ويكون صالحاً للغذاء والقوت ؟ .
الجواب : لا . .
وقد قال تعالى : { انْظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِى ذالِكُمْ لاٌّ يَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ، وكقوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً } . وقوله تعالى : { وَءَايَةٌ لَّهُمُ الاٌّ رْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } ، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة .