@ 175 @ كونه أمراً من عندنا ، وهذا الوجه جيد ظاهر ، وإنما ساغ إتيان الحال من النكرة وهي متأخرة عنها لأن النكرة التي هي ( أمر ) وصفت بقوله ( حكيم ) كما لا يخفى . .
وقال بعضهم ( أمراً ) مفعول به لقوله ( منذرين ) وقيل غير ذلك . .
واختار الزمخشري : أنه منصوب بالاختصاص ، فقال : جعل كل أمر جزلاً فخماً بأن وصفه بالحكيم ثم زاده جزالة وأكسبه فخامة ، بأن قال : أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا ، كائناً من لدنا ، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا وهذا الوجه أيضاً ممكن ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الكهف ، في الكلام على قوله تعالى { فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ ءَاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا } . وفي سورة فاطر في الكلام على قوله تعالى { مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } . قوله تعالى : { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } . هذا الذي ادعوه على النبي صلى الله عليه وسلم افتراء ، من أنه معلم ، يعنون أن هذا القرآن علمه إياه بشر ، وأنه صلى الله عليه وسلم مجنون ، قد بينا الآيات الموضحة لإبطاله . .
أما دعواهم أنه معلم فقد قدمنا الآيات الدالة على تلك الدعوى في سورة النحل ، في الكلام على قوله تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } وفي سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ } إلى قوله { فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } . .
وبينا الآيات الموضحة لافترائهم وتعنتهم في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى : { لِّسَانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ وَهَاذَا لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُّبِينٌ } . .
وفي الفرقان في الكلام على قوله تعالى : { فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً وَقَالُواْ أَسَاطِيرُ الاٌّ وَّلِينَ اكْتَتَبَهَا } . .
وأما دعواهم أنه مجنون ، فقد قدمنا الآيات الموضحة لها . ولإبطالها في سورة قد