@ 173 @ .
وكلا الأمرين حق لأن ما سبق في علم الله ، لا يتغير ولا يتبدل ، ولأن جميع أفعاله في غاية الحكمة . .
وهي في الاصطلاح وضع الأمور في مواضعها وإيقاعها في مواقعها . .
وإيضاح معنى الآية أن الله تبارك وتعالى في كل ليلة قدر من السنة يبين للملائكة ويكتب لهم ، بالتفصيل والإيضاح جميع ما يقع في تلك السنة ، إلى ليلة القدر من السنة الجديدة . .
فتبين في ذلك الآجال والأرزاق والفقر والغنى ، والخصب والجدب والصحة والمرض ، والحروب والزلازل ، وجميع ما يقع في تلك السنة كائناً ما كان . .
قال الزمخشري في الكشاف : ومعنى يفرق : يفصل ويكتب كل أمر حكيم من أرزاق العباد وآجالهم ، وجميع أمورهم فيها ، إلى الأخرى القابلة إلى أن قال : فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ، ونسخة الحروب إلى جبرائيل ، وكذلك الزلازل ، والصواعق والخسف ، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ، ونسخة المصائب إلى ملك الموت ا ه محل الغرض منه بلفظه . .
ومرادنا بيان معنى الآية ، لا التزام صحة دفع النسخ المذكورة للملائكة المذكورين ، لأنا لم نعلم له مستنداً . .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، يدل أيضاً على أن الليلة المباركة هي ليلة القدر فهو بيان قرآني آخر . .
وإيضاح ذلك أن معنى قوله { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ } أي في ليلة التقدير لجميع أمور السنة ، من رزق وموت ، وحياة وولادة ومرض ، وصحة وخصب وجدب ، وغير ذلك من جميع أمور السنة . .
قال بعضهم : حتى إن الرجل لينكح ويتصرف في أموره ويولد له ، وقد خرج اسمه في الموتى في تلك السنة . .
وعلى هذا التفسير الصحيح لليلة القدر ، فالتقدير المذكور هو بعينه المراد بقوله { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } .