@ 77 @ .
وفي بعضها أن منها الغلول ، ويدل له قوله تعالى : { وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } . وقدمنا معنى الغلول في سورة الأنفال ، وذكرنا حكم الغال . .
وفي بعضها ( أن من أهل الكبائر الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً ) . ويدل له قوله تعالى : { أُوْلَائِكَ لاَ خَلَاقَ لَهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ولم نذكر أسانيد هذه الروايات ونصوص متونها خوف الإطالة ، وأسانيد بعضها لا تخلو من نظر لكنها لا يكاد يخلو شيء منها عن بعض الشواهد الصحيحة ، من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . .
واعلم أن أهل العلم اختلفوا في حد الكبيرة . .
فقال بعضهم : هي كل ذنب استوجب حداً من حدود الله . .
وقال بعضهم : هي كل ذنب جاء الوعيد عليه بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب . .
واختار بعض المتأخرين حد الكبيرة بأنها هي كل ذنب دل على عدم اكتراث صاحبه بالدين . .
وعن ابن عباس : أن الكبائر أقرب إلى السبعين منها إلى السبع . وعنه أيضاً أنها أقرب إلى سبعمائة منها إلى سبع . .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : التحقيق أنها لا تنحصر في سبع ، وأن ما دل عليه من الأحاديث على أنها سبع لا يقتضى انحصارها في ذلك العدد ، لأنه إنما دل على نفي غير السبع بالمفهوم ، وهو مفهوم لقب ، والحق عدم اعتباره . .
ولو قلنا إنه مفهوم عدد لكان غير معتبر أيضاً ، لأن زيادة الكبائر على السبع مدلول عليها بالمنطوق . .
وقد جاء منها في الصحيح عدد أكثر من سبع ، والمنطوق مقدم على المفهوم ، مع أن مفهوم العدد ليس من أقوى المفاهيم . .
والأظهر عندي في ضابط الكبيرة أنها كل ذنب اقترن بما يدل على أنه أعظم من مطلق المعصية سواء كان ذلك الوعيد عليه بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب ، أو كان وجوب الحد فيه ، أو غير ذلك مما يدل على تغليظ التحريم وتوكيده .