@ 55 @ .
والمسوغ له في آية { بِمَا كَسَبَتْ * أَيْدِيكُم } أن ما في قراءة نافع وابن عامر موصولة كما جزم به غير واحد من المحققين ، أي والذي أصابكم من مصيبة كائن وواقع بسبب ما كسبت أيديكم . .
وأما على قراءة الجمهور : فما موصولة أيضاً ، ودخول الفاء في خبر الموصول جائز كما أن عدمه جائز فكلتا القراءتين جارية على أمر جائز . .
ومثال دخول الفاء في خبر الموصول قوله تعالى : { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُم عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } وهو كثير في القرآن وقال بعضهم : إن ما في قراء الجمهور شرطية ، وعليه فاقتران الجزاء بالفاء واجب أما على قراءة نافع وابن عامر ، فهي موصولة ليس إلا كما هو التحقيق إن شاء الله . .
وكون ما شرطية على قراءة وموصولة على قراءة لا إشكال فيه . لما قدمنا من أن القراءتين في الآية الواحدة كالآيتين . .
ومن الآيات الدالة على نحو ما دلت عليه آية الأنعام المذكورة قوله تعالى : { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } ، فصرح بتوليهم للشيطان أي باتباع ما يزين لهم من الكفر والمعاصي مخالفاً لما جاءت به الرسل ، ثم صرح بأن ذلك إشراك به في قوله تعالى : { وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } وصرح أن الطاعة في ذلك الذي يشرعه الشيطان لهم ويزينه عبادة للشيطان . .
ومعلوم أن من عبد الشيطان فقد أشرك بالرحمان قال تعالى : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يابَنِىءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِى هَاذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً } ، ويدخل فيهم متبعوا نظام الشيطان دخولاً أولياء { أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ } . .
ثم بين المصير الأخير لمن كان يعبد الشيطان في دار الدنيا ، في قوله تعالى : { هَاذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } وقال تعالى : عن نبيه إبراهيم { ياأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيّاً } فقوله :