@ 50 @ .
وقد عجب نبيه صلى الله عليه وسلم بعد قوله : { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ } من الذين يدعون الإيمان مع أنهم يريدون المحاكمة ، إلى من لم يتصف بصفات من له الحكم ، المعبر عنه في الآية بالطاغوت ، وكل تحاكم إلى غير شرع الله فهو تحاكم إلى الطاغوت ، وذلك في قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً } . .
فالكفر بالطاغوت ، الذي صرح الله بأنه أمرهم به في هذه الآية ، شرط في الإيمان كما بينه تعالى في قوله : { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } . .
فيفهم منه أن من لم يكفر بالطاغوت لم يتمسك بالعروة الوثقى ، ومن لم يستمسك بها فهو مترد مع الهالكين . .
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى : { لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا } . .
فهل في الكفرة الفجرة المشرعين من يستحق أن يوصف بأن له غيب السماوات والأرض ؟ وأن يبالغ في سمعه وبصره لإحاطة سمعه بكل المسموعات وبصره بكل المبصرات ؟ .
وأنه ليس لأحد دونه من ولي ؟ .
سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ؟ .
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى : { وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَاهاً ءَاخَرَ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } . .
فهل في الكفرة الفجرة المشرعين من يستحق أن يوصف بأنه الإله الواحد ؟ وأن كل شيء هالك إلا وجهه ؟ وأن الخلائق يرجعون إليه ؟ .
تبارك ربنا وتعاظم وتقدس أن يوصف أخس خلقه بصفاته . .
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى : { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَالْحُكْمُ للَّهِ الْعَلِىِّ الْكَبِيرِ } .