@ 47 @ ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الله خلق الخلق ، وجعل منهم فريقاً سعداء ، وهم أهل الجنة ، وفريقاً أشقياء وهم أصحاب السعير ، جاء موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى : { هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } وقوله تعالى : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذالِكَ خَلَقَهُمْ } أي ولذلك الاختلاف ، إلى مؤمن وكافر وشقي وسعيد ، خلقهم على الصحيح ، ونصوص الوحي الدالة على ذلك كثيرة جداً . .
وقد ذكرنا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ، وجه الجمع بين قوله : { وَلِذالِكَ خَلَقَهُمْ } على التفسير المذكور ، وبين قوله { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } ، وسنذكر ذلك إن شاء الله في سورة الذاريات . .
وقد قدمنا معنى السعير بشواهده العربية في أول سورة الحج في الكلام على قوله تعالى : { وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } ، والجنة في لغة العرب البستان . .
ومنه قول زهير بن أبي سلمى : ومنه قول زهير بن أبي سلمى : % ( كأن عيني في غربي مقتلة % من النواضح تسقي جنة سحقا ) % .
فقوله : جنة سحقا ، يعني بستاناً طويل النخل ، وفي اصطلاح الشرع هي دار الكرامة التي أعد الله لأوليائه يوم القيامة . .
والفريق : الطائفة من الناس ، ويجوز تعدده إلى أكثر من اثنين ، ومنه قول نصيب : والفريق : الطائفة من الناس ، ويجوز تعدده إلى أكثر من اثنين ، ومنه قول نصيب : % ( فقال فريق القوم لا ، وفريقهم % نعم وفريق قال ويحك ما ندري ) % .
والمسوغ للابتداء بالنكرة في قوله : فريق في الجنة ، أنه في معرض التفصيل . .
ونظيره من كلام العرب قول امرىء القيس : ونظيره من كلام العرب قول امرىء القيس : % ( فلما دنوت تسديتها % فثوب نسيت وثوب أجر ) % وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } . ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن ما اختلف فيه الناس من الأحكام فحكمه إلى الله وحده ، لا إلى غيره ، جاء موضحاً في آيات كثيرة .