@ 44 @ عليهم كل ما يعملونه من الكفر والمعاصي ، وفي أوله اتخاذهم الأولياء ، يعبدونهم من دون الله . .
وفي الآية تهديد عظيم لكل مشرك . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } . .
أي لست يا محمد ، بموكل عليهم تهدي من شئت هدايته منهم ، بل إنما أنت نذير فحسب ، وقد بلغت ونصحت . .
والوكيل عليهم هو الذي يهدي من يشاء منهم ويضل من يشاء كما قال تعالى : { إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ } . وقال تعالى : { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الاٌّ رْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } وقال تعالى : { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِىَ نَفَقاً فِى الاٌّ رْضِ أَوْ سُلَّماً فِى السَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِأايَةٍ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } والآيات بمثل ذلك كثيرة . .
وبما ذكرنا تعلم أن التحقيق في قوله تعالى : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } ، وما جرى مجراه من الآيات ليس منسوخاً بآية السيف والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً } . وقد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الشعراء في الكلام على قوله تعالى : { لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ } ، وفي الزمر في الكلام على قوله تعالى : { قُرْءَاناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِى عِوَجٍ } وفي غير ذلك من المواضع . قوله تعالى : { لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } . خص الله تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة إنذاره ، صلى الله عليه وسلم بأم القرى ومن حولها ، والمراد بأم القرى مكة حرسها الله . .
ولكنه أوضح في آيات أخر أن إنذاره عام لجميع الثقلين كقوله تعالى { قُلْ ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } وقوله تعالى : { تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ