@ 35 @ قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة النمل في الكلام على قوله تعالى : { بَلِ ادَارَكَ عِلْمُهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ } . .
ومعلوم أن الظن يطلق في لغة العرب ، التي نزل بها القرآن على معنيين : .
أحدهما : الشك كقوله { إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } ، وقوله تعالى عن الكفار : { إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } . .
والثاني : هو إطلاق الظن مراداً به العلم واليقين ، ومنه قوله تعالى هنا : { وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي أيقنوا ، أنهم ليس لهم يوم القيامة محيص ، أي لا مفر ولا مهرب لهم من عذاب ربهم ، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى : { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا } أي أيقنوا ذلك وعلموه ، وقوله تعالى : { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } وقوله تعالى : { قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاَقُواْ اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ } وقوله تعالى : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ } ، فالظن في الآيات المذكورة كلها بمعنى اليقين . .
ونظير ذلك من كلام العرب قول دريد بن الصمة : ونظير ذلك من كلام العرب قول دريد بن الصمة : % ( فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج % سراتهم في الفارسي المسرد ) % .
وقول عميرة بن طارق : وقول عميرة بن طارق : % ( بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم % وأجعل مني الظن غيباً مرجما ) % .
والظن في البيتين المذكورين بمعنى اليقين ، والفعل القلبي في الآية المذكورة التي هي قوله : { وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } معلق عن العمل في المفعولين بسبب النفي بلفظة ما في قوله : { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } كما أشار له في الخلاصة بقوله : * والتزم التعليق قبل نفي ( ما ) * قوله تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَاذَا لِى وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَى رَبِّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَى } .