@ 30 @ قوله تعالى { فَإِنِ اسْتَكْبَرُواْ } أي فإن تكبر الكفار عن توحيد الله ، والسجود له وحده ، وإخلاص العبادة له ، فالذين عند ربك وهم الملائكة ، يسبحون له بالليل ، أي يعبدونه وينزهونه دائماً ليلاً ونهاراً وهم لا يسأمون ، أي لا يملون من عبادة ربهم ، لاستلذاذهم لها وحلاوتها عندهم ، مع خوفهم منه جل وعلا كما قال تعالى : { وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلْائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ } . .
وقد دلت هذه الآية الكريمة من سورة فصلت على أمرين . .
أحدهما : أن الله جل وعلا إن كفر به بعض خلقه ، فإن بعضاً آخر من خلقه يؤمنون به ، ويطيعونه كما ينبغي ، ويلازمون طاعته دائماً بالليل والنهار . .
والثاني منهما : أن الملائكة يسبحون الله ويطيعونه دائماً لا يفترون عن ذلك . .
وهذان الأمران اللذان دلت عليهما هذه الآية الكريمة ، قد جاء كل منهما موضحاً في غير هذا الموضع . .
أما الأول منهما : فقد ذكره جل وعلا في قوله : { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَاؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } . .
وأما الثاني منهما : فقد أوضحه تعالى في آيات من كتابه كقوله تعالى في الأنبياء : { وَلَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } وقوله تعالى في آخر الأعراف { إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } إلى غير ذلك من الآيات . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَهُمْ لاَ يَسْأمُونَ } أي لا يملون . .
والسآمة الملل ومنه قول زهير : والسآمة الملل ومنه قول زهير : % ( سئمت تكاليف الحياة ومن يعش % ثمانين حولاً ، لا أبا لك ، يسأم ) % وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الاٌّ رْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } . هذه الآية الكريمة قد أوضحنا الكلام عليها ، مع ما في معناها من الآيات ، وبينا أن