@ 396 @ قد قدمنا أن لفظة جعل ، تأتي في اللغة العربية لأربعة معان ، ثلاثة منها في القرآن . .
الأول : إتيان جعل بمعنى اعتقد ، ومنه قوله تعالى : { وَجَعَلُواْ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثاً } أي اعتقدوهم إناثاً ، ومعلوم أن هذه تنصب المبتدأ والخبر . .
الثاني : جعل بمعنى صيَّر ، كقوله : { حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ } وهذه تنصب المبتدأ والخبر أيضاً . .
الثالث : جعل بمعنى خلق ، كقوله تعالى : { الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ } أي خلق السماوات والأرض وخلق الظلمات والنور . .
والظاهر ، أن منه قوله هنا : { اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الاٌّ نْعَامَ } أي خلق لكم الأنعام ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : { وَالاٌّ نْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ } ، وقوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً } . .
الرابع : وهو الذي ليس في القرآن جعل بمعنى شرع ، ومنه قوله : الرابع : وهو الذي ليس في القرآن جعل بمعنى شرع ، ومنه قوله : % ( وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني % ثوبي فانهض نهض الشارب السَّكِرِ ) % .
وما ذكره الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، من الامتنان بهذه النعم الكثيرة ، التي أنعم عليهم بها ، بسبب خلقه لهم الأنعام وهي الذكور والإناث ، من الإبل والبقر والضأن والمعز ، كما قدمنا إيضاحه في سورة آل عمران في الكلام على قوله : والأنعام والحرث بينه أيضاً في مواضع أخر ، كقوله تعالى : { وَالاٌّ نْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ } . والدفء ما يتدفؤون به في الثياب المصنوعة من جلود الأنعام وأوبارها وأشعارها وأصوافها . .
وقوله تعالى : { جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ الاٌّ نْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ } .