@ 388 @ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } . وقوله تعالى : { فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } إلى غير ذلك من الآيات . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَأُفَوِّضُ أَمْرِى إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ فَوقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ } دليل واضح على أن التوكل الصادق على الله ، وتفويض الأمور إليه ، سبب للحفظ والوقاية من كل سوء ، وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف التعليل ، كقولهم سها فسجد ، أي سجد لعلة سهوه ، وسرق فقطعت يده ، أي لعلة سرقته ، كما قدمناه مراراً . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من كون التوكل على الله سبباً للحفظ ، والوقاية من السوء ، جاء مبيناً في آيات أخر ، كقوله تعالى { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } . وقوله تعالى : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ } . .
وقد ذكرنا الآيات الدالة على ذلك بكثرة ، في أول سورة بني إسرائيل ، في الكلام على قوله تعالى { أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً } . .
والظاهر أن ما في قوله { سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ } مصدرية ، أي فوقاه الله سيئات مكرهم ، أي أضرار مكرهم وشدائده ، والمكر : الكيد . .
فقد دلت هذه الآية الكريمة ، على أن فرعون وقومه أرادوا أن يمكروا بهذا المؤمن الكريم وأن الله وقاه ، أي حفظه ونجاه ، من أضرار مكرهم وشدائده بسبب توكله على الله ، وتفويضه أمره إليه . .
وبعض العلماء يقول : نجاه الله منهم مع موسى وقومه وبعضهم يقول : صعد جبلاً فأعجزهم الله عنه ونجاه منهم ، وكل هذا لا دليل عليه ، وغاية ما دل عليه القرآن أن الله وقاه سيئات مكرهم ، أي حفظه ونجاه منها . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَحَاقَ بِأالِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ } معناه أنهم لما أرادوا أن يمكروا بهذا المؤمن ، وقاه الله مكرهم ، ورد العاقبة السيئة عليهم ، فرد سوء مكرهم إليهم ، فكان المؤمن المذكور ناجياً ، في الدنيا والآخرة وكان فرعون وقومه هالكين ،