@ 386 @ .
فقوله تعالى : في هذه الآية { وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } دليل واضح على أن فرعون كاذب في قوله : { مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى } . .
وكقوله تعالى في سورة بني إسرائيل : { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَاؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّى لأَظُنُّكَ يافِرْعَونُ مَثْبُورًا } فقول نبي الله موسى لفرعون { لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَاؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ } مؤكداً إخباره بأن فرعون عالم بذلك بالقسم ، وقد دل أيضاً على أنه كاذب في قوله : ما أريكم إلا ما أرى . .
وكان غرض فرعون بهذا الكذب ، التدليس والتمويه ليظن جهلة قومه ، أن معه الحق ، كما أشار تعالى إلى ذلك في قوله : { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } . .
وأما الأمر الثاني وهو قوله : { وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ } فقد بين تعالى كذبه فيه في آيات من كتابه كقوله تعالى : { فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } . وقوله تعالى : { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى } . .
وقال بعض العلماء في قوله : { مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَى } أي ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي ، من قتل موسى . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا } . هذه الآية الكريمة ، وأمثالها من الآيات الدالة عن أن السيئات لا تضاعف ، ولا تجزي إلا بمثلها بينها وبين الآيات الأخرى الدالة على أن السيئات ربما ضوعفت في بعض الأحوال ، كقوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم { إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَواةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ } وقوله تعالى في نسائه رضي الله عنهن { يانِسَآءَ النَّبِىِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } إشكال معروف . وقد قدمنا الجواب عنه موضحاً في سورة النمل ، في الكلام على قوله تعالى : { وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِى النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . قوله تعالى : { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَائِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } .