@ 384 @ وعلى نبينا الصلاة والسلام ، حين قال فرعون { ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } . مع أنه لا ذنب له ، يستحق به القتل ، إلا أنه يقول : ربي الله . .
وقد بين في آيات أخر أن من عادة المشركين قتل المسلمين ، والتنكيل بهم ، وإخراجهم من ديارهم من غير ذنب ، إلا أنهم يؤمنون بالله ويقولون : ربنا الله ، كقوله تعالى في أصحاب الأخدود ، الذين حرقوا المؤمنين { قُتِلَ أَصْحَابُ الاٍّ خْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } وقوله تعالى { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّهُ } . وقوله تعالى : عن الذين كانوا سحرة لفرعون ، وصاروا من خيار المؤمنين ، لما هددهم فرعون قائلاً : { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } أنهم أجابوه ، بما ذكره الله عنهم ، في قوله : { قَالُواْ إِنَّآ إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَ أَنْ ءَامَنَّا بِأايَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا } إلى غير ذلك من الآيات . .
والتحقيق أن الرجل المؤمن المذكور في هذه الآية من جماعة فرعون كما هو ظاهر قوله تعالى : ( من آل فرعون ) . .
فدعوى أنه إسرائيلي ، وأن في الكلام تقديماً وتأخيراً . وأن من آل فرعون متعلق بيكتم ، أي وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون أي يخفي إيمانه عن فرعون وقومه خلاف التحقيق كما لا يخفى . .
وقيل : إن هذا الرجل المؤمن هو الذي قال لموسى { إِنَّ الْمَلاّ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ } وقيل غيره . .
واختلف العلماء في اسمه اختلافاً كثيراً فقيل : اسمه حبيب ، وقيل اسمه شمعان ، وقيل اسمه حزقيل ، وقيل غير ذلك ولا دليل على شيء من ذلك . .
والظاهر في إعراب المصدر المنسبك من أن وصلتها في قوله تعالى ، في هذه الآية الكريمة ، أن يقول ربي الله ، أنه مفعول من أجله .