@ 358 @ .
وكقوله في نصف الصداق اللازم ، للزوجة بالطلاق ، قبل الدخول ، فنصف ما فرضتم ، ولا شك أن أخذ كل واحد من الزوجين النصف حسن ، لأن الله شرعه في كتابه في قوله { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } مع أنه رغب كل واحد منهما ، أن يعفو للآخر عن نصفه ، وبين أن ذلك أقرب للتقوى وذلك في قوله بعده { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ } . .
وقد قال تعالى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } ثم أرشد إلى الأحسن بقوله { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } وقال تعالى : { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } ثم أرشد إلى الأحسن ، في قوله : { فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } . .
واعلم أن في هذه الآية الكريمة أقوالاً غير الذي اخترنا . .
منها ما روي عن ابن عباس ، في معنى { فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } قال ( هو الرجل يسمع الحسن والقبيح فيتحدث بالحسن ، وينكف عن القبيح ، فلا يتحدث به ) . .
وقيل يستمعون القرآن وغيره ، فيتبعون القرآن . .
وقيل : إن المراد بأحسن القول لا إله إلا الله ، وبعض من يقول بهذا يقول : إن الآية نزلت فيمن كان يؤمن بالله قبل بعث الرسول صلى الله عليه وسلم ، كزيد بن عمرو بن نفيل العدوي ، وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، إلى غير ذلك من الأقوال . قوله تعالى : { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى النَّارِ } . أظهر القولين في الآية الكريمة ، أنهما جملتان مستقلتان ، فقوله أفمن حق عليه كلمة العذاب جملة مستقلة ، لكن فيها حذفاً ، وحذف ما دل المقام عليه واضح ، لا إشكال فيه . .
والتقدير : أفمن حق عليه كلمة العذاب ، تخلصه أنت منه ، والاستفهام مضمن معنى النفي ، أي لا تخلص أنت يا نبي الله أحداً سبق في علم الله أنه يعذبه من ذلك العذاب ، وهذا المحذوف دل عليه قوله بعده { أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى النَّارِ } . .
وقد قدمنا مراراً قولي المفسرين في أداة الاستفهام المقترنة بأداة عطف كالفاء والواو