@ 352 @ والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينِ أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } . أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم . في هذه الآية الكريمة ، أن يعبده في حال كونه ، مخلصاً له الدين ، أي مخلصاً له في عبادته ، من جميع أنواع الشرك صغيرها وكبيرها ، كما هو واضح من لفظ الآية . .
والإخلاص ، إفراد المعبود بالقصد ، في كل ما أمر بالتقرب به إليه ، وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من كون الإخلاص في العبادة لله وحده ، لا بد منه ، جاء في آيات متعددة ، وقد بين جل وعلا ، أنه ما أمر بعبادة ، إلا عبادة يخلص له العابد فيها . .
أما غير المخلص فكل ما أتى به من ذلك ، جاء به من تلقاء نفسه ، لا بأمر ربه ، قال تعالى : { وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } ، وقال جل وعلا { قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لاًّنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ } إلى قوله تعالى : { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِى فَاعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ } . .
وقد قدمنا الكلام على العمل الصالح ، وأنه لا بد فيه من الإخلاص ، في أول سورة الكهف ، في الكلام على قوله تعالى : { وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ } . وفي غير ذلك من المواضع . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } أي التوحيد الصافي من شوائب الشرك ، أي هو المستحق لذلك وحده ، وهو الذي أمر به . .
وقول من قال من العلماء : إن المراد بالدين الخالص كلمة لا إله إلا الله موافق لما ذكرناه . والعلم عند الله تعالى . .
ثم لما ذكر جل وعلا إخلاص العبادة له وحده ، بين شبهة الكفار التي احتجوا بها ، للإشراك به تعالى ، في قوله تعالى هنا : { وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } . فبين أنهم يزعمون أنهم ما عبدوا الأصنام ، إلا لأجل أن تقربهم من الله زلفى ، والزلفى القرابة .