@ 347 @ الناس الله ، أو يحدث لهم هذا الكتاب ذكراً ، أي موعظة وتذكراً ، يهديهم إلى الحق ، وذلك في قوله تعالى : { وَكَذالِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ } . ذكر في هذه الآية الكريمة ، أنه وهب سليمان لداود ، وقد بين في سورة النمل أن الموهوب ورث الموهوب له ، وذلك في قوله تعالى : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } . .
وقد بينا في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى عن زكريا { فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ } أنها وراثة علم ودين لا وراثة مال . قوله تعالى : { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً } . قد قدمنا الكلام على هذه الآية ، وعلى ما يذكره المفسرون فيها ، من الروايات التي لا يخفى سقوطها ، وأنها لا تليق بمنصب النبوة ، في سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى : { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذالِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ } . وما روي عنه من السلف من جملة تلك الروايات ، أن الشيطان أخذ خاتم سليمان ، وجلس على كرسيه وطرد سليمان إلى آخره يوضح بطلانه ، قوله تعالى : { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } واعتراف الشيطان بذلك في قوله : { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } . قوله تعالى : { فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } . قد قدمنا الكلام عليه موضحاً بالآيات القرآنية في سورة الأنبياء في الكلام على قوله تعالى : { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِى بِأَمْرِهِ } . .
وفسرنا هناك قوله هنا حيث أصاب وذكرنا هناك أوجه الجمع ، بين قوله هنا : { رُخَآءً } ، وقوله هناك : { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً } ووجه الجمع أيضاً بين عموم الجهات المفهوم من قوله هنا { حَيْثُ أَصَابَ } أي حيث أراد وبين خصوص الأرض المباركة المذكورة هناك في قوله { تَجْرِى بِأَمْرِهِ إِلَى الاٌّ رْضِ الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا } .