@ 344 @ من ظن بالله الحكيم الخبير ، أنه يساوي بين الصالح المصلح ، والمفسد الفاجر ، فقد ظن ظناً قبيحاً جديراً بالإنكار . .
وقد بين جل وعلا هذا المعنى ، في غير هذا الموضع ، وذم حكم من يحكم به ، وذلك في قوله تعالى الجاثية : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } . قوله تعالى : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الاٌّ لْبَابِ } . قوله تعالى : كتاب خبر مبتدأ محذوف أي هذا كتاب ، وقد ذكر جل وعلا ، في هذه الآية الكريمة ، أنه أنزل هذا الكتاب ، معظماً نفسه جل وعلا ، بصيغة الجمع ، وأنه كتاب مبارك وأن من حكم إنزاله ، أن يتدبر الناس آياته ، أي يتفهموها ويتعقلوها ويمعنوا النظر فيها ، حتى يفهموا ما فيها من أنواع الهدى ، وأن يتذكر أولوا الألباب ، أي يتعظ أصحاب العقول السليمة ، من شوائب الاختلال . .
وكل ما ذكره في هذه الآية الكريمة جاء واضحاً في آيات أخر . .
أما كونه جل وعلا ، هو الذي أنزل هذا القرآن ، فقد ذكره في آيات كثيرة كقوله تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ } وقوله تعالى : { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } وقوله تعالى : { هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } ، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة . .
وأما كون هذا الكتاب مباركاً ، فقد ذكره في آيات من كتابه كقوله تعالى : { وَهَاذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } . وقوله تعالى : { وَهَاذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } . والمبارك كثير البركات ، من خير الدنيا والآخرة . .
ونرجو الله القريب المجيب ، إذ وفقنا لخدمة هذا الكتاب المبارك ، أن يجعلنا مباركين أينما كنا ، وأن يبارك لنا وعلينا ، وأن يشملنا ببركاته العظيمة في الدنيا والآخرة ، وأن يعم جميع إخواننا المسلمين ، الذين يأتمرون بأوامره بالبركات والخيرات ، في الدنيا والآخرة ، إنه قريب مجيب .