@ 342 @ لاَ تُرْجَعُونَ } . .
ثم نزه نفسه ، عن كونه خلقهم عبثاً ، بقوله تعالى : { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } أي تعالى وتقدس وتنزه عن كونه خلقهم عبثاً . .
وأما تنزيه عباده الصالحين له عن ذلك ، ففي قوله تعالى : { إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَاخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لاّيَاتٍ لاٌّ وْلِى الاٌّ لْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } ، فقوله تعالى عنهم سبحانك أي تنزيهاً لك ، عن أن تكون خلقت السماوات والأرض باطلاً . فقولهم سبحانك تنزيه له ، كما نزه نفسه عن ذلك بقوله تعالى : { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ } يدل على أن من ظن بالله ما لا يليق به جل وعلا ، فله النار . .
وقد بين تعالى في موضع آخر أن من ظن بالله ما لا يليق به أراده وجعله من الخاسرين ، وجعل النار مثواه . وذلك في قوله تعالى : { وَلَاكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الُخَاسِرِينَ فَإِن يَصْبِرُواْ فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } . .
وقولنا في أول هذا المبحث الإشارة في قوله ذلك راجعة إلى المصدر الكامن في الفعل الصناعي قد قدمنا إيضاحه في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : { إِنَّ هَاذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ } ، وبينا هناك أن الفعل نوعان ، أحدهما الفعل الحقيقي ، والثاني الفعل الصناعي ، أما الفعل الحقيقي ، فهو الحدث المتجدد المعروف عند النحويين بالمصدر . .
وأما الفعل الصناعي ، فهو المعروف في صناعة علم النحو بالفعل الماضي ، والفعل المضارع ، وفعل الأمر على القول بأنه مستقل عن المضارع . .
ومعلوم أن الفعل الصناعي ينحل عند النحويين ، عن مصدر وزمن ، كما أشار له في الخلاصة بقوله :