@ 340 @ .
ومعلوم أن نبي الله داود ، لا يحكم بغير الحق ، ولا يتبع الهوى ، فيضله عن سبيل الله ، ولكن الله تعالى ، يأمر أنبياءه عليهم الصلاة والسلام ، وينهاهم ، ليشرع لأممهم . .
ولذلك أمر نبينا صلى الله عليه وسلم ، بمثل ما أمر به داود ، ونهاه أيضاً عن مثل ذلك ، في آيات من كتاب الله كقوله تعالى : { وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ } . وقوله تعالى : { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ } وكقوله تعالى : { وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } وقوله تعالى : { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً } وقوله تعالى : { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ } . .
وقد قدمنا الكلام على هذا ، في سورة بني إسرائيل ، في الكلام على قوله تعالى : { لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَاهًا ءَاخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً } . .
وبينا أن من أصرح الأدلة القرآنية الدالة على أن النبي يخاطب بخطاب ، والمراد بذلك الخطاب غيره يقيناً قوله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } ، ومن المعلوم أن أباه صلى الله عليه وسلم توفي قبل ولادته ، وأن أمه ماتت وهو صغير ، ومع ذلك فإن الله يخاطبه بقوله تعالى : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا } ومعلوم أنه لا يبلغ عنده الكبر أحدهما ، ولا كلاهما لأنهما قد ماتا قبل ذلك بزمان . .
فتبين أن أمره تعالى لنبيه ونهيه له في قوله { فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ } : إنما يراد به التشريع على لسانه لأمته ، ولا يراد به هو نفسه صلى الله عليه وسلم ، وقد قدمنا هناك أن من أمثال العرب . إياك أعني واسمعي يا جارة ، وذكرنا في ذلك رجز سهل بن مالك الفزاري الذي خاطب به امرأة ، وهو يقصد أخرى وهي أخت حارثة بن لأم الطائي وهو قوله : ، وقد قدمنا هناك أن من أمثال العرب . إياك أعني واسمعي يا جارة ، وذكرنا في ذلك رجز سهل بن مالك الفزاري الذي خاطب به امرأة ، وهو يقصد أخرى وهي أخت حارثة بن لأم الطائي وهو قوله : % ( يا أخت خير البدو والحضاره % كيف ترين في فتى فزاره ) % % ( أصبح يهوى حرة معطاره % إياك أعني واسمعي يا جاره ) % .
وذكرنا هناك الرجز الذي أجابته به المرأة ، وقول بعض أهل العلم إن الخطاب في