@ 298 @ { قَالُواْ ياوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } . قد قدّمنا الكلام عليه في سورة ( الروم ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَاذَا يَوْمُ الْبَعْثِ } . { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يابَنِىءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِى هَاذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له بكثرة في سورة ( الكهف ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا } ، وأوضحنا فيه التفصيل بين النظم الوضعية ، وفي سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { إِنَّ هَاذَا الْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ } . { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ } . قوله : { جِبِلاًّ كَثِيراً } ، أي : خلقًا كثيرًا ؛ كقوله تعالى : { وَاتَّقُواْ الَّذِى خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الاْوَّلِينَ } ، وما تضمّنته هذه الآية الكريمة ، من كون الشيطان أضلّ خلقًا كثيرًا من بني ءادم جاء مذكورًا في غير هذا الموضع ؛ كقوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ يَامَعْشَرَ الْجِنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مّنَ الإنْسِ } ، أي : قد استكثرتم أيها الشياطين ، من إضلال الإنس ، وقد قال إبليس : { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً } ، وقد بيَّن تعالى أن هذا الظن الذي ظنّه بهم من أنه يضلهم جميعًا إلا القليل صدّقه عليهم ؛ وذلك في قوله تعالى : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مّنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، كما تقدّم إيضاحه . وقرأ هذا الحرف نافع وعاصم : { جِبِلاًّ } بكسر الجيم والباء ، وتشديد اللام . وقرأه ابن كثير وحمزة والكسائي : { جِبِلاًّ } ، بضم الجيم والباء وتخفيف اللام . وقرأه أبو عمرو وابن عامر : { جِبِلاًّ } ، بضم الجيم وتسكين الباء مع تخفيف اللام ، وجميع القراءات بمعنى واحد ، أي : خلقًا كثيرًا .