@ 156 @ قدر ما عندهم من الإيمان ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : ( أشدّ الناس بلاء الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ) . { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له . { وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً } . { وَمِنَ النَّاسِ مَن يِقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَآ أُوذِىَ فِى اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ } . يعني أن من الناس من يقول : { بِاللَّهِ فَإِذَا } بلسانه ، { فَإِذَا أُوذِىَ فِى اللَّهِ } ، أي : آذاه الكفار إيذاءهم للمسلمين جعل فتنة الناس صارفة له عن الدين إلى الرّدة ، والعياذ باللَّه ؛ كعذاب اللَّه فإنه صارف رادع عن الكفر والمعاصي . ومعنى { فِتْنَةَ النَّاسِ } ، الأذى الذي يصيبه من الكفار ، وإيذاء الكفار للمؤمنين من أنواع الابتلاء الذي هو الفتنة ، وهذا قال به غير واحد . .
وعليه فمعنى الآية الكريمة ؛ كقوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ } . { وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ } . ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن المنافقين الذين يقولون : آمنّا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم ، إذا حصل للمسلمين من الكفار أذى ، وهم معهم جعلوا فتنة للناس ، أي : أذاهم كعذاب اللَّه ، وأنه إن جاء نصر من اللَّه لعباده المؤمنين فنصرهم على الكفار ، وهزموهم وغنموا منهم الغنائم ، قال أولئك المنافقون : ألم نكن معكم ، يعنون : أنهم مع المؤمنين ومن جملتهم ، يريدون أخذ نصيبهم من الغنائم . .
وهذا المعنى جاء في آيات أُخر من كتاب اللَّه ؛ كقوله تعالى : { الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ