@ 154 @َ وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه ، وهو أعلم بالمهتدين . .
وهذا المعنى الذي دلّت عليه هذه الآية جاء موضحًا في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : { إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ } ، وقوله : { وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُمْ } ، إلى غير ذلك من الآيات ، كما تقدّم إيضاحه . .
وقوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } ، جاء معناه موضحًا في آيات كثيرة ؛ كقوله : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى } ، وقوله تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } ، والآيات بمثل ذلك كثيرة ، وقد أوضحنا سابقًا أن الهدى المنفي عنه صلى الله عليه وسلم ، في قوله تعالى هنا : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ } ، هو هدى التوفيق ؛ لأن التوفيق بيد اللَّه وحده ، وأن الهدى المثبت له صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ، هو هدى الدلالة على الحق والإرشاد إليه ، ونزول قوله تعالى : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ } ، في أبي طالب مشهور معروف . { وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في أوّل سورة ( الكهف ) ، في الكلام على قوله تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ } . { كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } . كقوله تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلْالِ وَالإكْرَامِ } ، والوجه من الصفات التي يجب الإيمان بها مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق ، كما أوضحناه في سورة ( الأعراف ) ، وفي غيرها . { لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( الكهف ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا } ، وقد تركنا ذكر إحالات كثيرة في سورة ( القصص ) ، هذه .