@ 9 @ متجافٍ عنه ، أو سمى إحداث اللَّه خلقًا ؛ لأنه لا يحدث شيئًا لحكمته إلا على وجه التقدير غير متفاوت ، فإذا قيل : خلق اللَّه كذا ، فهو بمنزلة قولك : أحدث وأوجد من غير نظر إلى وجه الاشتقاق ، فكأنّه قيل : وأوجد كل شىء فقدّره في إيجاده لم يوجده متفاوتًا . وقيل : فجعل له غاية ومنتهى ، ومعناه : فقدّره للبقاء إلى أمد معلوم ، انتهى كلام صاحب ( الكشاف ) وبعضه له اتّجاه ، والعلم عند اللَّه تعالى . { وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءْالِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لاًّنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَواةً وَلاَ نُشُوراً } . ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن الآلهة التي يعبدها المشركون من دونه ، متّصفة بستّة أشياء كل واحد منها برهان قاطع ، أن عبادتها مع اللَّه ، لا وجه لها بحال ، بل هي ظلم متناه ، وجهل عظيم ، وشرك يخلد به صاحبه في نار جهنم ، وهذا بعد أن أثنى على نفسه جلّ وعلا بالأمور الخمسة المذكورة في الآية التي قبلها التي هي براهين قاطعة ، على أن المتّصف بها هو المعبود وحده ، والأمور الستّة التي هي من صفات المعبودات من دون اللَّه : .
الأول منها : أنها لا تخلق شيئًا ، أي : لا تقدر على خلق شىء . .
والثاني منها : أنها مخلوقة كلّها ، أي : خلقها خالق كل شىء . .
والثالث : أنها لا تملك لأنفسها ضرًّا ولا نفعًا . .
الرابع والخامس والسادس : أنها لا تملك موتًا ، ولا حياة ، ولا نشورًا ، أي : بعثًا بعد الموت ، وهذه الأمور الستّة المذكورة في هذه الآية الكريمة ، جاءت مبيّنة في مواضع أُخر من كتاب اللَّه تعالى . .
أمّا الأول منها : وهو كون الآلهة المعبودة من دون اللَّه لا تخلق شيئًا ، فقد جاء مبيّنًا في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ } ، وقوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } ، وقوله تعالى في سورة ( فاطر ) : { قُلْ أَرَءيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الاْرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى * السَّمَاوَاتِ قُلْ أَرَءيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الاْرْضِ أَمْ لَهُمْ }