@ 551 @ واقع عليه المجيء . وقوله تعالى : { لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً } يدلّ على عدم وجود شىء يقع عليه المجيء في قوله تعالى : { جَاءهُ } . .
والجواب عن هذا من وجهين ، ذكرهما ابن جرير في تفسير هذه الآية الكريمة . .
قال : فإن قال قائل كيف قيل : { حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً } ، فإن لم يكن السراب شيئًا فعلام دخلت الهاء في قوله : { حَتَّى إِذَا جَاءهُ } ؟ قيل : إنه شىء يرى من بعيد كالضباب الذي يرى كثيفًا من بعيد ، فإذا قرب منه رقّ وصار كالهواء ، وقد يحتمل أن يكون معناه حتى إذا جاء موضع السراب لم يجد السراب شيئًا ، فاكتفى بذكر السراب عن ذكر موضعه ، انتهى منه . .
والوجه الأول أظهر عندي ، وعنده ، بدليل قوله : وقد يحتمل أن يكون معناه ، إلخ . انتهى كلامنا في ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) ، وقد رأيت فيه جواب ابن جرير الطبري عن السؤال المذكور ، وقوله تعالى في هذه الآية : { بِقِيعَةٍ } ، قيل : جمع قاع ، كجار وجيرة . وقيل : القيعة والقاع بمعنى ، وهو المنبسط المستوي المتّسع من الأرض ، وعلى هذا فالقاع واحد القيعان ، كجار وجيران . { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } . اعلم أن الضمير المحذوف الذي هو فاعل { عِلْمٍ } ، قال بعض أهل العلم : إنه راجع إلى اللَّه في قوله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبّحُ لَهُ مَن فِى السَّمَاواتِ } ، وعلى هذا فالمعنى كل من المسبحين والمصلين ، قد علم اللَّه صلاته وتسبيحه . وقال بعض أهل العلم : إن الضمير المذكور راجع إلى قوله : { كُلٌّ } ، أي : كل من المصلين والمسبحين ، قد علم صلاة نفسه وتسبيح نفسه ، وقد قدّمنا في سورة ( النحل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ، كلام الأصوليين في أن اللفظ إن احتمل التوكيد والتأسيس حمل على التأسيس ، وبيّنا أمثلة متعدّدة لذلك من القرءان العظيم . .
وإذا علمت ذلك ، فاعلم أن الأظهر على مقتضى ما ذكرنا عن الأصوليين ، أن يكون ضمير الفاعل المحذوف في قوله : { كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ } ، راجعًا إلى قوله :