@ 548 @ .
وبما ذكرنا من النصوص تعلم أن صلاة النساء في بيوتهن أفضل لهن من صلاتهن في الجماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وغيره من المساجد لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم . .
ومما يؤكد صلاتهن في بيوتهن ما أحدثنه من دخول المسجد في ثياب قصيرة هي مظنة الفتنة ، ومزاحمتهن للرجال في أبواب المسجد عند الدخول والخروج ، وقد روى الشيخان في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها قالت : لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى من النساء ما رأينا ، لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها . .
وقد علمت مما ذكرنا من الأحاديث أن مفهوم المخالفة في قوله تعالى : { يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاْصَالِ رِجَالٌ } الآية معتبر ، وأنه ليس مفهوم لقب ، وقد أوضحنا المفهوم المذكور بالسنة كما رأيت . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاْبْصَارُ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الرجال الذين يسبحون له في المساجد بالغدو والآصال ، إلى آخر ما ذكر من صفاتهم : أنهم يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ، وهو يوم القيامة لشدة هوله ، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من عظم هول ذلك اليوم ، وتأثيره في القلوب والأبصار ، جاء في آيات كثيرة من كتاب الله العظيم كقوله تعالى : { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } وقوله تعالى : { إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الابْصَارُ } وقوله تعالى : { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الاْزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ } الآية . ونحو ذلك من الآيات الدالة على عظم ذلك اليوم كقوله تعالى : { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً * السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ } الآية . وقوله تعالى : { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلاَ شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } إلى غير ذلك من الآيات . وفي معنى تقلب القلوب والأبصار أقوال متعددة لأهل التفسير ، ذكرها القرطبي وغيره . .
وأظهرها عندي : أن تقلب القلوب هو حركتها من أماكنها من شدة الخوف كما قال تعالى : { إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ } وأن تقلب الأبصار هو زيغوغتها ودورانها بالنظر في جميع الجهات من شدة الخوف ، كما قال تعالى : { فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْك