@ 367 @ .
أما إن كانت محصنة ، بمعنى أنها قد تزوّجت من قبل الزنى ، وجامعها زوجها في نكاح صحيح فإنها ترجم . .
والآية التي خصصتها بهذا الحكم الذي ذكرنا أنها منسوخة التلاوة باقية الحكم ، هي قوله تعالى : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالاً من اللَّه ، واللَّه عزيز حكيم ) . .
وهذا التخصيص إنما هو على قول من يقول : لا يجمع للزاني المحصن ، بين الجلد والرجم ، وإنما يرجم فقط بدون جلد . .
أمّا على قول من يرى الجمع بينهما فلا تخصيص ، وإنما في آية الرجم زيادته على الجلد ، فكلتا الآيتين أثبتت حكمًا لم تثبته الأخرى ، وسيأتي أيضاح هذا إن شاء اللَّه غير بعيد وأقوال أهل العلم فيه ومناقشة أدلّتهم . .
أمّا الزاني الذكر فقد دلّت الآية التي ذكرنا ، أنها منسوخة التلاوة باقية الحكم على تخصيص عمومه ، وأن الذي يجلد المائة من الذكور ، إنما هو الزاني البكر ، وأمّا المحصن فإنه يرجم ، وهذا التخصيص في الذكر أيضًا إنّما هو على قول من لا يرى الجمع بين الجلد والرجم ؛ كما أوضحناه قريبًا في الأنثى . .
وأمّا على قول من يرى الجمع بينهما فلا تخصيص ، بل كل واحدة من الآيتين أثبتت حكمًا لم تثبته الأخرى . .
وعموم الزاني في آية ( النور ) هذه ، مخصّص عند الجمهور أيضًا مرة أخرى ، بكون جلد المائة خاصًّا بالزاني الحرّ ، أمّا الزاني الذكر العبد فإنه يجلد نصف المائة ، وهو الخمسون . .
ووجه هذا التخصيص : إلحاق العبد بالأَمة في تشطير حدّ الزنى بالرقّ ؛ لأن مناط التشطير الرق بلا شكّ ؛ لأن الذكورة والأنوثة بالنسبة إلى الحدود وصفان طرديّان ، لا يترتّب عليهما حكم ، فدلّ قوله تعالى في آية ( النساء ) في الإماء : { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ } ، أن الرقّ مناط تشطير حدّ الزنى ، إذ لا فرق بين الذكر والأنثى في الحدود ، فالمخصّص لعموم الزاني في الحقيقة ، هو ما أفادته آية : { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ } ، وإن سمّاه الأصوليّون تخصيصًا بالقياس ، فهو في الحقيقة تخصيص آية بما فهم من آية أخرى .