@ 355 @ يجابون عند حضور الموت ، ويوم النشور ووقت عرضهم على الله تعالى ، ووقت عرضهم على النار . .
وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف : وهو أن يقال : ما وجه صيغة الجمع في قوله : { رَبِّ ارْجِعُونِ } ولم يقل : رب ارجعني بالإفراد . .
وقد أوضحنا الجواب عن هذا في كتابنا : دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ، وبيَّنَّا أنه يجاب عنه من ثلاثة أوجه : .
الأول : وهو أظهرها : أن صيغة الجمع في قوله : ارجعون ، لتعظيم المخاطب وذلك النادم السائل الرجعة يظهر في ذلك الوقت تعظيمه ربه ، ونظير ذلك من كلام العرب قول الشاعر حسان بن ثابت أو غيره : الأول : وهو أظهرها : أن صيغة الجمع في قوله : ارجعون ، لتعظيم المخاطب وذلك النادم السائل الرجعة يظهر في ذلك الوقت تعظيمه ربه ، ونظير ذلك من كلام العرب قول الشاعر حسان بن ثابت أو غيره : % ( ألا فارحموني يا إله محمد % فإن لم أكن أهلاً فأنت له أهل ) % .
وقول الآخر يخاطب امرأة : % ( وإن شئت حرمت النساء سواكم % وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا ) % .
والنقاخ الماء البارد والبرد : النوم ، وقيل : ضد الحر . والأول أظهر . .
الوجه الثاني : قوله : رب استغاثة به تعالى ، وقوله : ارجعون : خطاب للملائكة ، ويستأنس لهذا الوجه بما ذكره ابن جرير ، عن ابن جريج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا نرجعك إلى دار الدنيا فيقول : إلى دار الهموم والأحزان ، فيقول : بل قدموني إلى الله وأما الكافر فيقولون له : نرجعك ؟ فيقول : رب ارجعون ) . .
الوجه الثالث : وهو قول المازني : إنه جمع الضمير ليدل على التكرار فكأنه قال : رب ارجعني ارجعني ارجعني ، ولا يخفى بعد هذا القول كما ترى . والعلم عند الله تعالى . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحاً } الظاهر أن لعل فيه التعليل : أي ارجعون ، لأجل أن أعمل صالحاً ، وقيل : هي للترجي والتوقع ، لأنه غير جازم ، بأنه إذا رد للدنيا عمل صالحاً ، والأول أظهر ، والعمل الصالح يشمل جميع الأعمال من الشهادتين والحج الذي كان قد فرط فيه والصلوات والزكاة ونحو ذلك . والعلم عند الله تعالى . وقوله كلا : كلمة زجر : وهي دالة على أن الرجعة التي طلبها لا يعطاها كما هو واضح .