@ 350 @ شاء ممن شاء ، ولا يمنع أحد منه أحداً شاء أن يهلكه أو يعذبه ، لأنه هو القادر وحده ، على كل شيء ، وهو القاهر فوق عباده ، وهو الحكيم الخبير . ومنه قول الشاعر . وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي هو يمنع من شاء ممن شاء ، ولا يمنع أحد منه أحداً شاء أن يهلكه أو يعذبه ، لأنه هو القادر وحده ، على كل شيء ، وهو القاهر فوق عباده ، وهو الحكيم الخبير . ومنه قول الشاعر . % ( أراك طفقت تظلم من أجرنا % وظلم الجار إذلال المجير ) % .
وقوله تعالى : { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } أي كيف تخدعون ، وتصرفون عن توحيد ربكم ، وطاعته مع ظهور براهينه القاطعة وأدلته الساطعة ، وقيل : { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } أي كيف يخيل إليكم : أن تشركوا به ما لا يضر ، ولا ينفع ، ولا يغني عنكم شيئاً بناء على أن السحر هو التخييل . .
وقد قدمنا الكلام على السحر مستوفى في سورة طه في الكلام على قوله تعالى : { وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } والظاهر أن معنى تسحرون هنا : تخدعون بالشبه الباطلة فيذهب بعقولكم ، عن الحق كما يفعل بالمسحور . والله تعالى أعلم .
وقوله : { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } قرأه حفص عن عاصم ، وحمزة ، والكسائي بتخفيف الذال بحذف إحدى التاءين ، والباقون بالتشديد لإدغام إحدى التاءين في الذال . .
وقوله تعالى : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } جاء في هذه الآيات ثلاث مرات . الأول : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } . وهذه اتفق جميع السبعة على قراءتها بلام الجر الداخلة على لفظ الجلالة ، لأنها جواب المجرور بلام الجر ، وهو قوله : { قُل لِّمَنِ الاٌّ رْضُ وَمَن فِيهَآ } فجواب لمن الأرض ، هو أن تقول : لله ، وأما الثاني الذي هو { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } والثالث : الذي هو قوله { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } فقد قرأهما أبو عمرو بحذف لام الجر ورفع الهاء من اللفظ الجلالة . .
والمعنى : على قراءة أبي عمرو المذكورة واضح لا إشكال فيه ، لأن الظاهر في جواب من رب السموات السبع ، ورب العرش العظيم ، أن تقول : الله بالرفع أي رب ما ذكر هو الله ، وكذلك جواب قوله : { مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ } . فالظاهر في جوابه أيضاً أن يقال : الله بالرفع : أي الذي بيده ملكوت كل شيء هو الله ، فقراءة أبي عمرو جارية على الظاهر ، الذي لا إشكال فيه . وقرأ الحرفين المذكورين غيره من السبعة ، بحرف الجر وخفض الهاء من لفظ الجلالة كالأول . .
وفي هذه القراءة التي هي قراءة الجمهور سؤال معروف : وهو أن يقال : ما وجه الإتيان بلام الجر ، مع أن السؤال لا يستوجب الجواب بها ، لأن قول : { مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ