@ 348 @ { وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } وقوله عنهم : { أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً * قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } . والآيات بمثل هذا في إنكارهم البعث كثيرة : وقد بينا في سورة البقرة ، في الكلام على قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِىْ خَلَقَكُمْ } . وفي أول سورة النحل ، وغيرهما الآيات الدالة على البعث بعد الموت ، وأوردنا منها كثيراً كقوله : { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ } . وقوله : { وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } وقوله تعالى : { ياأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } . وأوضحنا أربعة براهين قرآنية دالة على البعث بعد الموت ، وأكثرنا من ذكر الآيات الدالة على ذلك . فأغنى ذلك عن التطويل هنا . وقوله تعالى في هذه الآية { أَءِذَا مِتْنَا } قرأ نافع والكسائي ، بالاستفهام في : أئذا متنا ، وحذف همزة الاستفهام ، في أئنا لمبعوثون ، بل قرأ إنا لمبعوثون بصيغة الخبر لدلالة الاستفهام الأول ، على الاستفهام الثاني المحذوف وقرأه ابن عامر بالعكس ، فحذف همزة الاستفهام ، من أئذا ، وقرأ إذا بدون استفهام ، وأثبت همزة الاستفهام في قوله : { أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } وقد دل الاستفهام الثاني المثبت في قراءة ابن عامر ، على الاستفهام الأول المحذوف فيها ، وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة بالاستفهام فيهما معاً : { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } وهم على أصولهم في الهمزتين ، فنافع وابن كثير وأبو عمرو يسهلون الثانية ، والباقون يحققونها ، وأدخل قالون ، وأبو عمرو وهشام عن ابن عامر ألفاً بين الهمزتين . وقرأ الباقون بالقصر دون الألف ، وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص ، عن عاصم : متنا بكسر الميم ، والباقون : بضم الميم . وقد قدمنا في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى : { قَالَتْ يالَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَاذَا } ( مريم : 32 ) الآية وجه كسر الميم في إسناد الفعل الذي هو مات إلى تاء الفاعل ، وبينا أنه يخفى على كثير من طلبة العلم . وأوضحنا وجهة غاية مع بعض الشواهد العربية ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا . .
قوله تعالى : { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَا هَاذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الاٌّ وَّلِينَ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أن الكفار المنكرين للبعث قالوا : إنهم وعدوا بالبعث ، ووعد به آباؤهم من قبلهم . والظاهر أنهم يعنون أجدادهم ، الذين جاءتهم الرسل ، وأخبرتهم بأنهم يبعثون بعد الموت للحساب والجزاء ، وقالوا : إن البعث الذي وعدوا به