@ 343 @ الكامل في جميع صفاته وأقواله وأفعاله وشرعه وقدره وتدبيره لخلقه سبحانه وتعالى علواً كبيراً . .
ومما يوضح أن الحق لو اتبع الأهواء الفاسدة المختلفة لفسدة السموات والأرض ومن فيهن قوله تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا } فسبحان الله رب العرش عما يصفون . .
القول الثاني : أن المراد بالحق في الآية : الحق الذي هو ضد الباطل المذكور في قوله قبله : { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } وهذا القول الأخير اختاره ابن عطية ، وأنكر الأول . .
وعلى هذا القول فالمعنى : أنه لو فرض كون الحق متبعاً لأهوائهم ، التي هي الشرك بالله ، وادعاء الأولاد ، والأنداد له ونحو ذلك : لفسد كل شيء لأن هذا الغرض يصير به الحق ، هو أبطل الباطل ، ولا يمكن أن يقوم نظام السماء والأرض على شيء ، هو أبطل الباطل ، لأن استقامة نظام هذا العالم لا تمكن إلا بقدرة وإرادة إله هو الحق منفرد بالتشريع ، والأمر والنهي كما لا يخفى على عاقل والعلم عند الله تعالى . .
قوله تعالى : { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ } . اختلف العلماء في الذكر في الآية فمنهم من قال : ذكرهم : فَخْرُهُمْ ، وشَرَفُهُمْ ، لأن نزول هذا الكتاب على رجل منهم فيه لهم أكبر الفخر والشرف ، وعلى هذا ، فالآية كقوله : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } على تفسير الذكر بالفخر والشرف ، وقال بعضهم : الذكر في الآية : الوعظ والتوصية ، وعليه فالآية كقوله : { ذالِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ } وقال بعضهم : الذكر هو ما كانوا يتمنونه في قوله : { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ الاٌّ وَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ } وعليه ، فالآية كقوله تعالى : { وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الاٍّ مَمِ } وعلى هذا القول فقوله : { جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الاٍّ مَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } كقوله هنا ، فهم عن ذكرهم معرضون . وكقوله : { أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَى مِنْهُمْ } والآيات بمثل هذا على القول الأخير كثيرة والعلم عند الله تعالى . .
قوله تعالى : { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَازِقِينَ } .