@ 299 @ بالباطل وكذبوه ، أن يقول لهم : الله أعلم بما تعملون . .
وهذا القول الذي أمر به تهديد لهم فقد تضمنت هذه الآية أمرين : .
أحدهما : أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يهددهم بقوله : الله أعلم بما تعملون : أي من الكفر ، فمجازيكم عليه أشد الجزاء . .
الثاني : الإعراض عنهم ، وقد أشار تعالى للأمرين اللذين تضمنتهما هذه الآية في غير هذا الموضع . .
أما إعراضه عنهم عند تكذيبهم له بالجدال الباطل فمن المواضع التي أشير له فيها قوله تعالى { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِىءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } . .
وأما تهديدهم فقد أشار له في مواضع كقوله { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } وقوله { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ } فقوله { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ } فيه أشد الوعيد للمكذبين ، كما قال { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } في مواضع متعددة ، وهم إنما يكذبونه بالجدال ، والخصام بالباطل . وقد أمره الله في غير هذا الموضع أن يجادلهم بالتي هي أحسن وذلك في قوله { وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } وقوله { وَلاَ تُجَادِلُواْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } وبين له أنهم لا يأتونه بمثل ليحتجوا عليه به بالباطل ، إلا جاءه الله بالحق الذي يدمغ ذلك الباطل ، مع كونه أحسن تفسيراً وكشفاً وإيضاحاً للحقائق وذلك في قوله { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } . .
قوله تعالى : { مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } . أي : ما عظموه حتى عظمته حين عبدوا معه من لا يقدر على خلق ذباب ، وهو عاجز أن يسترد من الذباب ما سلبه الذباب منه ، كالطيب الذي يجعلونه على أصنامهم ، إن سلبها الذباب منه شيئاً لا تقدر على استنقاذه منه ، وكونهم لم يعظموا الله حق عظمته ، ولم يعرفوه حق معرفته ، حيث عبدوا معه من لا يقدر على جلب نفع ، ولا دفع ضر . ذكره تعالى في غير هذا الموضع كقوله في الأنعام { وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَىْءٍ } وكقوله في الزمر { وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالاٌّ رْضُ