@ 296 @ اتسم بالعلم في علم الإعراب ، وتوقير أهله . انتهى منه . وذكر نحوه أبو حيان وفسره ظاناً أنه أوضحه ، ولا يظهر لي كل الظهور ، والعلم عند الله تعالى . .
فإن قيل : كيف قال : فتصبح مع أن اخضرار الأرض ، قد يتأخر عن صبيحة المطر . .
فالجواب : أنه على قول من قال : فتصبح الأرض مخضرة : أي تصير مخضرة فالأمر واضح ، والعرب تقول : أصبح فلان غنياً مثلاً بمعنى صار . وذكر أبو حيان عن بعض أهل العلم : أن بعض البلاد تصبح فيه الأرض مخضرة في نفس صبيحة المطر . وذكر عكرمة وابن عطية وعلى هذا فلا إشكال . وقال بعضهم : إن الفاء للتعقيب ، وتعقيب كل شيء بحسبه كقوله : { ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً } مع أن بين ذلك أربعين يوماً كما في الحديث ، قاله ابن كثير . وقوله : لطيف خبير : أي لطيف بعباده ، ومن لطفه بهم إنزاله المطر وإنباته لهم به أقواتهم ، خبير بكل شيء ، لا يغرب عن عمله مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض سبحانه وتعالى علواً كبيراً . .
قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى الاٌّ رْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الله سخر لخلقه ما في الأرض ، وسخر لهم السفن تجري في البحر بأمره ، وهذا الذي ذكره هنا جاء موضحاً في مواضع كثيرة كقوله : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ } وقد بينا معنى تسخير ما في السماء بإيضاح في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى : { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } وكقوله : { وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } وقد أوضحنا الآيات الدالة على هذا في سورة النحل وغيرها . .
قوله تعالى : { وَيُمْسِكُ السَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى الاٌّ رْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه هو الذي يمسك السماء ويمنعها من أن تقع على الأرض ، فتهلك من فيها ، وأنه لو شاء لأذن للسماء فسقطت على الأرض فأهلكت من عليها ، كما قال : { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الاٌّ رْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ } . وقد أشار لهذا المعنى في غير هذا الموضع كقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ } ،