@ 285 @ وعلق أمله بذلك ، فمفعول ألقى يظهر أنه من جنس الوساوس ، والصد عن دين الله حتى لا يتم للنبي صلى الله عليه وسلم أو الرسول ما تمنى . .
ومعنى كون الإلقاء في أمنيته على هذا الوجه : أن الشيطان يلقي وساوسه وشبهه ليصدّ بها عما تمناه الرسول أو النَّبي ، فصار الإلقاء كأنه واقع فيها بالصد عن تمامها والحيلولة دون ذلك . .
وهل أن تمنى بمعنى : قرأ . ففي مفعول ألقى تقديران : .
أحدهما : من جنس الأول : أي ألقى الشيطان في قراءة الرسول الله صلى الله عليه وسلم أو النَّبي الشبه والوساوس ليصد الناس عن اتباع ما يقرؤه ، ويتلوه الرسول أو النَّبي ، وعلى هذا التقدير فلا إشكال . .
وأما التقدير الثاني : فهو ألقى الشيطان في أمنيته أي قراءته ما ليس منها ليظن الكفار أنه منها . .
وقوله { فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِى الشَّيْطَانُ } يستأنس به لهذا التقدير . .
وقد ذكر كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية قصة الغرانيق قالوا : سبب نزول هذه الآية الكريمة أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم بمكة ، فلما بلغ : { أَفَرَءَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَواةَ الثَّالِثَةَ الاٍّ خْرَى } ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ، فلما بلغ آخر السورة سجد وسجد معه المشركون والمسلمون . وقال المشركون : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم ، وشاع في الناس أن أهل مكة أسلموا بسبب سجودهم مع النَّبي صلى الله عليه وسلم ، حتى رجع المهاجرون من الحبشة ظناً منهم أن قومهم أسلموا ، فوجدوهم على كفرهم . .
وقد قدمنا في هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً ، ويكون في الآية قرينة تدل على بطلان ذلك القول ، ومثلنا لذلك : بأمثلة متعددة ، وهذا القول الذي زعمه كثير من المفسرين : وهو أن الشيطان ألقى على لسان النَّبي صلى الله عليه وسلم ، هذا الشرك الأكبر والكفر البواح الذي هو قولهم : تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ، يعنون : اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ، الذي لا شك في بطلانه في نفس سياق آيات النجم التي تخللها إلقاء الشيطان المزعوم قرينة قرآنية واضحة على بطلان هذا القول لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم قرأ بعد موضع الإلقاء المزعوم بقليل قوله تعالى ، في اللات