@ 263 @ تعالى : { وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ } إلى غير ذلك من الآيات . .
واعلم أنه يفهم من دليل خطاب هذه الآية الكريمة ، أعني مفهوم مخالفتها : أنه من يجادل بعلم على ضوء هدى كتاب منير ، كهذا القرآن العظيم ، ليحق الحق ، ويبطل الباطل بتلك المجادلة الحسنة أن ذلك سائغ محمود لأن مفهوم قوله { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أنه إن كان بعلم ، فالأمر بخلاف ذلك ، وليس في ذلك اتباع للشيطان ، ويدل لهذا المفهوم المذكور قوله تعالى { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } وقوله تعالى { وَلاَ تُجَادِلُواْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } . .
وقال الفخر الرازي في تفسيره : هذه الآية بمفهومها تدل على جواز المجادلة الحقة ، لأن تخصيص المجادلة مع عدم العلم بالدلائل ، يدل على أن المجادلة مع العلم جائزة ، فالمجادلة الباطلة : هي المراد من قوله { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ } والمجادلة الحقة هي المراد من قوله { وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } ا ه . منه . وقوله تعالى في هذه الآية { عَذَابِ السَّعِيرِ } يعني عذاب النار ، فالسعير النار أعاذنا الله ، وإخواننا المسلمين منها . والظاهر أن أصل السعير : فعيل ، بمعنى : مفعول من قول العرب : سعر النار ، يسعرها كمنع يمنع إذا أوقدها ، وكذلك سعرها بالتضعيف ، وعلى لغة التضعيف والتخفيف القراءتان السبعيتان في قوله { وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } فقد قرأه من السبعة نافع وابن عامر في رواية ابن ذكوان ، وعاصم في رواية حفص : سعرت بتشديد العين وقرأه الباقون بتخفيف العين ، ومما جرى من كلام العرب على نحو قراءة نافع ، وابن ذكوان ، وحفص قول بعض شعراء الحماسة : وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } فقد قرأه من السبعة نافع وابن عامر في رواية ابن ذكوان ، وعاصم في رواية حفص : سعرت بتشديد العين وقرأه الباقون بتخفيف العين ، ومما جرى من كلام العرب على نحو قراءة نافع ، وابن ذكوان ، وحفص قول بعض شعراء الحماسة : % ( قالت له عرسهُ يوماً لتُسْمعني % مهلاً فإنَّ لنا في أمِّنا أربا ) % % ( ولو رأتنيَ في نار مُسعَّرة % ثم استطاعت لزادَت فوقْها حَطبا ) % .
إذ لا يخفى أن قوله : مسعرة : اسم مفعول سعرت بالتضعيف ، وبما ذكرنا يظهر أن أصل السعير : فعيل بمعنى اسم المفعول : أي النار المسعرة : أي الموقدة إيقاداً شديداً لأنها بشدة الإيقاد يزداد حرها عياذاً بالله منها ، ومن كل ما قرب إليها من قول وعمل ، وفي ذلك لغة ثالثة ، إلا أنها ليست في القرآن : وهي أسعر النار بصيغة أفعل ، بمعنى : أوقدها .