@ 164 @ تصريحه صلى الله عليه وسلم بتحريم ربا الفضل بعد فتح خيبر فقد اتضح لك من هذه الروايات الثابتة في الصحيح : أن إباحة ربا الفضل كانت زمن قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا وأن الروايات المصرحة بالمنع صرحت به في يوم خيبر وبعده فتصريح النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم ربا الفضل بعد قدومه المدينة بنحو ست سنين وأكثر منها يدل دلالة لا لبس فيها على النسخ وعلى كل حال فالعبرة بالمتأخر وقد كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث . .
وأيضا فالبراء وزيد رضي الله عنهما كانا غير بالغين في وقت تحملهما الحديث المذكور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف الجماعة من الصحابة الذين رووا عنه تحريم ربا الفضل فإنهم بالغون وقت التحمل ورواية البالغ وقت التحمل أرجح من رواية من تحمل وهو صبي ؛ للخلاف فيها دون رواية المتحمل بالغا وسن البراء وزيد وقت قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة نحو عشر سنين ؛ لما ذكره ابن عبد البر عن منصور بن سلمة الخزاعي : أنه روى بإسناده إلى زيد بن جارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره يوم أحد والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وأبا سعيد الخدري وسعد بن حبته وعبد الله بن عمر وعن الواقدي أن أول غزوة شهداها يوم الخندق . .
وممن قال : بأن حديث البراء وزيد منسوخ راويه الحميدي . وناهيك به علما واطلاعا . وقول راوي الحديث : إنه منسوخ في كونه يكفي في النسخ . خلاف معروف عند أهل الأصول وأكثر المالكية والشافعية لا يكفي عندهم . فإن قيل : ما قدمتم من كون تحريم ربا الفضل واقعا بعد إباحته يدل على النسخ في حديث البراء وزيد لعلم التاريخ فيهما وأن حديث التحريم هو المتأخر ولكن أين لكم معرفة ذلك في حديث أسامة ؟ ومولد أاسامة مقارب لمولد البراء وزيد ؛ لأن سن أسامة وقت وفاته صلى الله عليه وسلم عشرون سنة وقيل : ثمان عشرة وسن البراء وزيد وقت وفاته صلى الله عليه وسلم نحو العشرين كما قدمنا ما يدل عليه . .
فالجواب : أنه يكفي في النسخ معرفة أن إباحة ربا الفضل وقعت قبل تحريمه والمتأخر يقضي على المتقدم . .
الجواب الثاني : عن حديث أسامة أنه رواية صحابي واحد وروايات منع ربا الفضل عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رووها صريحة عنه صلى الله عليه وسلم ناطقة بمنع ربا الفضل منهم : أبو سعيد وأبو بكر وعمر وعثمان وأبو هريرة وهشام بن عامر وفضالة بن عبيد وأبو بكرة وابن عمر وأبو الدرداء وبلال وعبادة بن الصامت