@ 17 @ .
وما أمر به الله موسى وهارون في آية ( طه ) هذه من أنهما يقولان لفرعون إنهما رسولا ربه إليه ، وأنه يأمره بإرسال بني إسرائيل ولا يعذبهم أشار إليه تعالى في غير هذا الموضع ، كقوله في سورة ( الشعراء ) : { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ } . .
تنبيه .
فإن قيل ، ما وجه الإفراد في قوله { إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } في ( الشعراء ) ؟ مع أنهما رسولان ؟ كما جاء الرسول مثنى في ( طه ) فما وجه التثنية في ( طه ) والإفراد في ( الشعراء ) ، وكل واحد من اللفظين : المثنى والمفرد يراد به موسى وهارون ؟ .
فالذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن لفظ الرسول أصله مصدر وصف به ، والمصدر إذا وصف به ذكر وأفرد كما قدمنا مراراً . فالإفراد في ( الشعراء ) نظراً إلى أن أصل الرسول مصدر . والتثنية في ( طه ) اعتداداً بالوصفية العارضة وإعراضاً عن الأصل ، ولهذا يجمع الرسول اعتداداً بوصفيته العارضة ، ويفرد مراداً به الجمع نظراً إلى أن أصله مصدر . ومثال جمعه قوله تعالى : { تِلْكَ الرُّسُلُ } ، وأمثالها في القرآن . ومثال إفراده مراداً به الجمع قول أبي ذؤيب الهذلي : تِلْكَ الرُّسُلُ } ، وأمثالها في القرآن . ومثال إفراده مراداً به الجمع قول أبي ذؤيب الهذلي : % ( ألكنى إليها وخير الرسول % أعلمهم بنواحي الخبر ) % .
ومن إطلاق الرسول مراداً به المصدر على الأصل قوله : ومن إطلاق الرسول مراداً به المصدر على الأصل قوله : % ( لقد كذب الواشون ما فهت عندهم % بقول ولا أرسلتهم برسول ) % .
أي برسالة . وقول الآخر : أي برسالة . وقول الآخر : % ( ألا بلغ بني عصم رسولا % بأني عن فتاحتكم غني ) % .
يعني أبلغهم رسالة . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { قَدْ جِئْنَاكَ بِأايَةٍ } يراد به جنس الآية الصادق بالعصا واليد وغيرهما . لدلالة آيات أخر على ذلك . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى } يدخل فيه السلام على فرعون إن اتبع الهدى . ويفهم من الآية : أن من لم يتبع الهدى لا سلام عليه ، وهو كذلك . ولذا كان في أول الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم