@ 9 @ والضمير في قوله { أَنِ اقْذِفِيهِ } راجع إلى موسى بلا خلاف . وأما الضمير في قوله { فَاقْذِفِيهِ فِى الْيَمِّ } وقوله { فَلْيُلْقِهِ } فقيل : راجع إلى التابوت . والصواب رجوعه إلى موسى في داخل التابوت ، لأن تفريق الضمائر غير حسن ، وقوله { يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّى وَعَدُوٌّ لَّهُ } هو فرعون ، وصيغة الأمر في قوله { فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ } فيها وجهان معروفان عند العلماء : .
أحدهما أن صيغة الأمر معناها الخبر ، قال أبو حيان في البحر المحيط : و { فَلْيُلْقِهِ } أمر معناه الخبر ، وجاء بصيغة الأمر مبالغة ، إذا الأمر أقطع الأفعال وأوجبها . .
الوجه الثاني أن صيغة الأمر في قوله { فَلْيُلْقِهِ } أريد بها الأمر الكوفي القدري ، كقوله { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } فالبحر لا بد أن يلقيه بالساحل ، لأن الله أمره بذلك كوفاً وقدراً . وقد قدمنا ما يشبه هذين الوجهين في الكلام على قوله تعالى : { فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَانُ مَدّاً } . .
وما ذكره جل وعلا في هذه الآيات أوضحه في غير هذا الموضع ، كقوله في ( القصص ) : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى اليَمِّ وَلاَ تَخَافِى وَلاَ تَحْزَنِى إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } وقد بين تعالى شدة جزع أمه عليه لما ألقته في البحر ، وألقاه اليم بالساحل ، وأخذه عدوه فرعون في قوله تعالى : { وَأَصْبَحَ