@ 5 @ . وأصل الشقاء في لغة العرب : العناء والتعب ، ومنه قول أبي الطيب : فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ } . وأصل الشقاء في لغة العرب : العناء والتعب ، ومنه قول أبي الطيب : % ( ذو العقل يشقى في النعيم بعقله % وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم ) % .
ومنه قوله تعالى : { فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى } . وقوله تعالى : { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى } . أظهر الأقوال فيه : أنه مفعول لأجله ، أي ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة ، أي إلا لأَجل التذكرة لمن يخشى الله ويخاف عذابه . والتذكرة : الموعظة التي تلين لها القُلوب . فتمتثل أمر الله ، وتجتنب نهيه . وخص بالتذكرة من يخشى دون غيرهم ، لأنهم هم المنتفعون بها ، كقوله تعالى : { فَذَكِّرْ بِالْقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } ، وقوله : { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخشِىَ الرَّحْمانَ بِالْغَيْبِ } وقوله : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا } . فالتخصيص المذكور في الآيات ب { مِنْ } تنفع فيهم الذكرى لأنهم هم المنتفعون بها دون غيرهم . وما ذكره هنا من أنه ما أنزل القرآن إلا للتذكرة بينه في غير هذا الموضع كقوله : { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } ، وقوله تعالى : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } ، إلى غير ذلك من الآيات . وإعراب { إِلاَّ تَذْكِرَةً } بأنه بدل من { لِتَشْقَى } لا يصح ، لأن التذكرة ليست بشقاء . وإعرابه مفعولاً مطلقاً أيضاً غير ظاهر . وقال الزمخشري في الكشاف : { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى } : ما أنزلنا عليك هذا المتعب الشاق إلا ليكون تذكرة . وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون { تَذْكِرَةٌ } حالاً ومفعولاً له . قوله تعالى : { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَق الاٌّ رْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى } . في قوله { تَنْزِيلاً } أوجه كثيرة من الإعراب ذكرها المفسرون . وأظهرها عندي أنه مفعول مطلق ، منصوب بنزل مضمرة دل عليها قوله ، { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى } أي نزله الله { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَق الاٌّ رْضَ } ، أي فليس بشعر ولا كهانة ، ولا سحر ولا أساطير الأولين ، كما دل لهذا المعنى قوله تعالى : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } والآيات المصرحة بأن القرآن منزل من رب العالمين كثيرة جداً معروفة ،