@ 517 @ فاجعل لي عندك عهداً توفينيه يوم القيامة . إنك لا تخلف الميعاد . فإذا قال ذلك طبع الله عليها طابعاً ووضعها تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى منادٍ : أين الذين لهم عند الله عهد ؟ فيقوم فيدخل الجنة انتهى . ذكره القرطبي بهذا اللفظ مرفوعاً عن ابن مسعود . وذكر صاحب الدر المنثور أنه أخرجه ابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه عن ابن مسعود موقوفاً عليه ، وليس فيه قوله : فإذا قال ذلك الخ . وذكر صاحب الدر المنثور أيضاً : أن الحكيم الترمذي أخرج نحوه مرفوعاً عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه . والظاهر أن المرفوع لا يصح . والذي يظهر لي أن العهد في الآية يشمل الإيمان بالله وامتثال أمره واجتناب نهيه . خلافاً لمن زعم أن العهد في الآية كقول العرب : عهد الأمير إلى فلان بكذا . أي أمره به . أي لا يشفع إلا من أمره الله بالشفاعة . فهذا القول ليس صحيحاً في المراد بالآية وإن كان صحيحاً في نفسه . وقد دلت على صحته آيات من كتاب الله . كقوله تعالى : { مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } ، وقوله { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِى السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِى شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَى } ، وقوله : { وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } ، وقوله : { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ } ، وقوله تعالى : { وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَداً } ، قد تكلمنا عليها وعلى الآيات التي بمعناها في القرآن في مواضع متعددة ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا . .
! 7 < { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدّاً * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلَسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } > 7 ! قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدّاً } . قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك : أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يذكر في القرآن لفظ عام ثم يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام فيه ، وقد قدمنا أمثلة متعددة لذلك . فإذا علمت ذلك فاعلم أنه جل وعلا في هذه الآية الكريمة ذكر أنه سيعجل لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات وداً . أي محبة في قلوب عباده . وقد صرح في موضع آخر بدخول نبيه موسى عليه وعلى نبينا والسلام في هذا العموم ، وذلك في قوله { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّى } الآية . وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه . قال : فيحبه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه ، قال : فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض . وإن الله إذا أبغض عبداً دعا جبريل ، فقال يا جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه ، قال : فيبغضه جبريل