@ 15 @ .
قال بعض رجال قريش : هذا عدد قليل فنحن قادرون على قتلهم واحتلال الجنة بالقوة ؛ لقلة القائمين على النار التي يزعم محمد صلى الله عليه وسلم أنا سندخلها . .
والله تعالى إنما يفعل ذلك اختبارا وابتلاء وله الحكمة البالغة في ذلك كله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا . { ورعد } ضرب الله المثل بالرعد لما في القرءان من الزواجر التي تقرع الآذان وتزعج القلوب . وذكر بعضا منها في آيات أخر كقوله : { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة } وكقوله : { من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها } وكقوله : { إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد } . .
وقد ثبت في صحيح البخاري في تفسير سورة الطور من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور . فلما بلغ هذه الآية { أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون } إلى قوله _ { المصيطرون } كاد قلبي أن يطير . إلى غير ذلك من قوارع القرءان وزواجره التي خوفت المنافقين حتى قال الله تعالى فيهم : { يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو } والآية التي نحن بصددها وإن كانت في المنافقين . فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب . { قوله تعالى برق } ضرب تعالى المثل بالبرق ؛ لما في القرءان من نور الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة . وقد صرح بأن القرءان نور يكشف الله به ظلمات الجهل والشك والشرك . كما تكشف بالنور الحسي ظلمات الدجى كقوله : { وأنزلنا إليكم نورا مبينا } وقوله : { ولاكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا } وقوله : { واتبعوا النور الذى أنزل معه } . .
{ والله محيط بالكافرين } قال بعض العلماء : { محيط بالكافرين } : أي مهلكهم ويشهد لهذا القول قوله تعالى : { لتأتننى به إلا أن يحاط بكم } أي تهلكوا عن آخركم . وقيل : تغلبوا . والمعنى متقارب ؛ لأن الهالك لا يهلك حتى يحاط به من جميع الجوانب ولم يبق له منفذ للسلامة ينفذ