@ 13 @ قوله تعالى : { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } . ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة من حملهم مع نوح . تنبيهاً على النعمة التي نجاهم بها من الغرق . ليكون في ذلك تهييج لذرياتهم على طاعة الله . أي يا ذرية من حملنا مع نوح ، فنجيناهم من الغرق ، تشبهوا بأبيكم ، فاشكروا نعمنا . وأشار إلى هذا المعنى في قوله : { أُولَائِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } . .
وبين في مواضع أخر الذين حملهم مع نوح من هم ؟ وبين الشيء الذي حملهم فيه ، وبين من بقي له نسل ، وعقب منهم ، ومن انقطع ولم يبق له نسل ولا عقب . .
فبين أن الذين حملهم مع نوح : هم أهله ومن آمن معه من قومه في قوله : { قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ ءَامَنَ } . .
وبين أن الذين آمنوا من قومه قليل بقوله : { وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } . .
وبين أن ممن سبق عليه القول من أهله بالشقاء امرأته وابنه . قال في امرأته : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَتَ نُوحٍ } إلى قوله { ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَاخِلِينَ } . وقال في ابنه : { وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ } ، وقال فيه أيضاً : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } . وقوله : { لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } أي الموعود بنجاتهم في قوله : { فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ } ، ونحوها من الآيات . .
وبين أن الذي حملهم فيه هو السفينة في قوله : { قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا } . أي السّفينة ، وقوله : { فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } . أي أدخل فيها أي السفينة { مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ } . .
وبين أن ذرية من حمل من نوح لم يبق منها إلا ذرية نوح في قوله : { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ } ، وكان نوح يحمد الله على طعامه وشرابه ، ولباسه وشأنه كله . فسّماه الله عبداً شكوراً .