بأن هذا الحديث أو هذا الكتاب سماعه من فلان أو روايته . مقتصرا على ذلك من غير أن يقول ( اروه عني أو : أذنت لك في روايته ) ونحو ذلك .
فهذا عند كثيرين طريق مجوز لرواية ذلك عنه ونقله . حكي ذلك عن ( ابن جريج ) وطوائف من المحدثين والفقهاء والأصليين والظاهريين وبه قطع ( أبو نصر بن الصباغ ) من الشافعيين واختاره ونصره ( أبوالعباس الوليد بن بكر الغمري المالكي ) في كتاب ( الوجازة في تجويز الإجازة ) .
وحكى ( القاضي أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي ) صاحب كتاب ( الفاصل بين الراوي والواعي ) عن بعض أهل الظاهر : أنه ذهب إلى ذلك واحتج له . وزاد فقال : لو قال له ( هذه روايتي لكن لا تروها عني ) كان له أن يرويها عنه كما لو سمع منه حديثا ثم قال له ( لا تروه عني ولا أجيزه لك ) لم يضره ذلك .
ووجه مذهب هؤلاء اعتبار ذلك بالقراءة على الشيخ فإنه إذا قرأ عليه شيئا من حديثه وأقر بأنه روايته عن فلان بن فلان جاز له أن يرويه عنه وإن لم يسمعه من لفظه ولم يقل له ( اروه عني أو : أذنت لك في روايته عني ) والله أعلم .
والمختار : ما ذكر عن غير واحد من المحدثين وغيرهم من : أنه لا تجوز الرواية بذلك . وبه قطع الشيخ ( أبو حامد الطوسي ) من الشافعيين ولم يذكر غير ذلك . وهذا لأنه قد يكون ذلك مسموعه وروايته ثم لا يأذن له في روايته عنه لكونه لا يجوز روايته لخلل يعرفه فيه ولم يوجد منه التلفظ به ولا ما يتنزل منزلة تلفظه به وهو تلفظ القارئ عليه وهو يسمع ويقر به حتى يكون قول الراوي عنه السامع ذلك ( حدثنا وأخبرنا ) صدقا وإن لم يأذن له فيه .
وإنما هذا كالشاهد إذا ذكر في غير مجلس الحكم شهادته بشيء فليس لمن سمعه أن يشهد على شهادته إذا لم يأذن له ولم يشهده على شهادته .
وذلك مما تساوت فيه الشهادة والرواية لأن المعنى يجمع بينهما في ذلك وإن افترقا في غيره .
ثم إنه يجب عليه العمل بما ذكره له إذا صح إسناده وإن لم تجز له روايته عنه لأن ذلك يكفي فيه صحته في نفسه والله أعلم